1- حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَرْبَعٌ مَنْ كنَّ فِيهِ كَانَ مُنافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حَتّى يَدَعَهَا: إِذا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذا عاهَدَ غَدَرَ، وَإِذا خَاصَمَ فَجَرَ). متفق عليه
2- حديث أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (آيَةَ الْمُنافِق ثَلاثٌ: إِذا حَدَّثَ كَذَب، وَإِذا وَعَد أَخْلَفَ، وَإِذا اؤْتُمِنَ خَانَ). متفق عليه.
الشرح:
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خمسا من خصال المنافق وصفاته التي لا يطبع عليها ولا يداوم إلا من كان في قلبه نفاق والغالب أن هذه الخصال إذا اجتمعت في شخص كان دليلا وأمارة على نفاقه أو حمله ذلك على النفاق الخالص ومن كان فيه خصلة منها كان متصفا بخلق من أخلاق المنافقين. فالمنافق لما قل إيمانه وضعفت بصيرته واستخف بوعد الله ووعيده استهان بعهد الله فتساهل في أداء الفرائض واستهان في عهود الخلق وحقوقهم فخان في الأمانة وكذب في الحديث وغدر في العهد وفجر في الخصومة وأخلف في الوعد وكل ذلك وقع منه لما آثر الدنيا وركن إليها وزهد فيما عند الله من النعيم واستبعد وقوع عذاب الله وعقوبته فهو آمن من مكر الله. ولذلك ورد في الصحيح أن الركون إلى الدنيا ومحبتها وترك العزم على الجهاد شعبة من شعب النفاق. فالمنافق جريء على حرمات الله متهاون في ارتكاب المعاصي لا يخطر على باله أبدا عظم العقوبة في الآخرة وهول الموقف وشدة الحساب. والمؤمن الحق لا يأمن مكر الله ويخاف ذنبه وإن استزله الشيطان في بعض الأحوال فهو مشفق على نفسه وجل من عذاب الله مسارع إلى التوبة والندم على تفريطه. وقد كان السلف الصالح يخافون النفاق على أنفسهم في حصول الزلل وإن صغر الذنب فلا يحقرون ذنبا ولا يصرون على صغيرة ولا يجاهرون بكبيرة تعظيما لله وخشية من العقوبة وخوفا من سوء الخاتمة. والنفاق الوارد في نصوص الشرع نوعان: 1- نفاق أكبر يتعلق بالاعتقاد: وهو أن يظهر الإنسان الإسلام ويبطن الكفر وصاحبه كافر إن مات عليه مخلد في النار. قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا). 2- نفاق أصغر يتعلق بالعمل: وهو أن يتخلق الإنسان بشيء من أخلاق المنافقين وصفاتهم مع صدق الإيمان في قلبه كالكذب والغدر والخيانة والفجور والخلف والتكاسل عن الفرائض وتضييعها ونحوه مما ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم تحذيرا من الوقوع فيها. والمقصود في هذه النصوص من داوم على هذه الخصال وصارت طبعا وعادة له أما من ألم بشيء منها ولم تكن غالبة في سلوكه فلا يدخل في هذا الذم وإن كان قد ارتكب ذنبا ويجب عليه التوبة من هذا الذنب. فينبغي على المسلم أن يبتعد عن هذه الخصال ويحذر من الوقوع فيها ولا يتساهل فيها ويكون صادقا في حديثه ووعده وعهده وأمانته وخصومته وإذا خاصم أحدا على شيء من الدنيا وجب عليه أن يكون صادقا في دعواه فلا يدعي ما ليس له ولا يقتطع مال امرئ مسلم ولا يحلف أو يشهد على زور ولا يذكر عيبا أو ذنبا لخصمه لا علاقة له بدعواه ولا يتتبع عورته ويفضحه على رؤوس الخلائق. وقد كثرت أخلاق النفاق في هذا الزمان والله المستعان. ومن أخطر وأشهر أخلاق المنافقين الذين كانوا في عهد النبوة الطعن في الله ورسوله واللمز في أحكام الشريعة والاستهزاء بعباده الصالحين وموالاة أعداء الله والثناء عليهم وارتضاء منهجهم وغير ذلك مما فيه انتقاص لدين الله ومحبة لزواله وإقصائه ورغبة في غلبة الباطل وأهله على أهل الحق وكل من تخلق بهذه الأخلاق وسلك سبيل المنافقين فهو داخل في الوعيد ومذموم شرعا وحكمه حكمهم والعياذ بالله.